jeudi 14 juillet 2011

إيقاف سمير الفرياني ... أو الثورة المضادة في أجلى مظاهرها.

الحرية لسمير الفرياني 

تونس، في 14 جويلية 2040.
  موجز إخبار الساعة الرابعة ظهرا.
الخبر الأوّل :
وصلنا بيان من وزارة الداخليّة وأمن وراحة المواطن جاء فيه :

تظاهرت صبيحة هذا اليوم مجموعة من المواطنين محدودة العدد أمام مقرّ الوزارة الأولى، بالعاصمة تونس الجديدة الواقعة بين مدينتي قلعة الأندلس و بنزرت، وطالبوا مقابلة رئيس الحكومة شخصيّا. استجاب حضرته بعد بضع لحظات وأمر باستقبال الناطق الرسمي باسم المحتجّين، الذي أعرب له عن امتعاضه من إيقاف مواطن قدّم بيانات تخيّل أنّها تخدم أمن البلاد، وتتمثّل في الكشف عن عمليّة إتلاف وثائق عدليّة. فما كان من الرئيس إلاّ أن أمر فورا بإطلاق سراح المواطن الموقوف، ووعد بتنظيم احتفال بهيج يهيب فيه بسموّ درجة مواطنته (المواطن وليس الرئيس)، مع ضرورة تقديم الوزارة اعتذاراتها عن الخطأ المهني الصادر سهوا عن أحد كوادرها، ووعد بتتبّع المخطئين، وبالتعويض المعنوي والمادي للموقوف.

الخبر الثاني :
بينما كان أحد المواطنين عائدا بشاحنته الصغيرة صبيحة يوم الأربعاء 13 جويلية ....20 من مسقط رأسه بضواحي عاصمة الأغالبة إلى عاصمة الحفصيين،  مدينة تونس العاصمة سابقا، إستوقفه عون أمن ليتفقّد أوراق السيارة في عمليّة روتينيّة. وعند تفطّن العون إلى تجاوز صلوحيّة البطاقة الفنيّة la visite technique همّ بتحرير محضر. لكن المواطن أصرّ إلحاحا إلى حد الإزعاج على أن يتقبّل العون "حويجة على الصباح"، فما كان من هذا الأخير إلاّ أن أرغى وأزبد ولقّن المواطن المخطئ درسا في النزاهة ونظافة الضمير والمواطنة الحقة، واقتاده إلى مركز الأمن متلبّسا بمحاولة إرضاء عون أمن في حالة قيامه بواجبه.

الخبر الثالث :
ذكريات حملة وقيت بش تقيد سنة 2011
قبل إجراء الإنتخابات التأسيسيّة تقدم مواطن إلى أحد المكاتب التابعة للفرع البلدي الذي يعود له بالنظر إداريّاـ  ليسجّل اسمه في قائمة الناخبين، فتفاجىء بحسن الإستقبال وبدقّة الإرشاد وبالتدفّق السريع لمنسوب شبكة الأنترنت، ممّا مكّنه من قضاء حاجته قبل أن يرتدّ إليه طرفه لكن خلق له مشكل وقت فراغ لم يدخله في حساباته.

ملاحظة أولى :
الحمد للّه أنّ الثورة التي اندلعت ذات 14 جانفي 2011، لم تعد إنتاج نظام يحكى عنه أنّه أذاق العباد والبلاد أنواعا من الفساد قد لا يقدّر حجمها حقّ قدره إلاّ بالرجوع إلى كتب التّاريخ....
ثم إن العدالة التي كان يحلم بها أجدادنا قد تحققت في هذا العهد السعيد وقضي نهائيّا على فلول النظام الأسبق، وأصبحنا اليوم نعيش في بحبوحة من الحريّات العامّة. ربّي يدوم علينا هذا الحال.
كما أنّ النمط السياسي الذي أصبحت تساس به البلاد يتميّز بالوضوح والشفافيّة وبتقدير كلّ مجتهد في سبيل البلاد حق تقدير . ولم نعد نرى قضايا رشوة أو قضايا فساد مثل التي يحكي لنا عنها أجدادنا قبل أن يهدهدنا النوم، وقضايا مثل قضية ذلك المواطن الذي أراد أن يفضح بعض الممارسات البغيضة، فأغرق في مستنقع يحمل اسم " تهديد أمن البلاد"، أو قضيّة القناصة التي إستهدفت أسلحتهم صدور شبّان ذهبوا وقودا لثورة الأحرار التي قام بها أجدادنا، لأنّ المواطنين لم يقوموا وقتئذ بدورهم في مسك القنّاصة وتقديمهم للقضاء.

ملاحظة ثانية :
ما أكثر النّاموس هذه الصّائفة. تذكّرني جحافلها بناموس صائفة 2011، الذي تكاثرت أعداده لأنّ المصالح البلديّة لم تتمكّن وقتها من مداواة البؤر المولّدة للناموس في الإبّان  لانشغالها بتداعيات الثورة.
أمّا هذه السنة فإنّي أجهل أسباب تكاثر الناموس من مصّاصي دماء المواطنين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire