mardi 29 août 2017

كيف نرنو إلى النجاة - مقدمة

منذ ايام قرأتُ  نصّا آلمني مضمونه أيّما إيلام، قبل استيعابه والإذعان لمرارة الحقائق التي أوردها، والتي إجتهدنا زمنا طويلا  لدفنها في أعماق لاوعينا الجمعي، حتى لا تصدمنا، وتهُزّنا هزّا عنيفا، وتوقضنا على واقع مرير نمارس تُجاهه عمى الألوان منذ ما يزيد عن عشرة قرون ...
تضمّن النص ما يلي:
"أمّة هي خمس العالم من حيث التعداد، نبحث عنها في حقول المعرفة فلا نجدها، في ساحات الإنتاج فلا نحسّها، في نماذج الخلق والتعاون المُؤثّر والحريّات المضمونة، والعدالة فنعود صفر اليدين.صرنا حضاريّا وخلقيّا واجتماعيّا آخر أهل الأرض في سُلّم الإرتقاء البشري.حُكومات فرعونيّة إقطاعيّة، وجماهير تبحثُ عن والطعام وفنّ يدور حول اللذة، ومُتديّنون مُشتغلون بالقمامات الفكريّة.ينظر المُسلمون اليوم إلى التقدم الحضاري بعيون ناعسة، وينظر العالم اليوم إليهم نظرة استهانة، إنّهم أقرب للموت لا للحياة."

هكذا هي أحوال المسلمين في أعيُن  المفكّر الإسلامي محمد الغزالي.


كتاب أود قراءته
https://www.goodreads.com/book/show/18398609

اسفزّني ما قرات ووجدتني مدفوعا إلى استحضار ذلك السؤال المُزمن و الذي طرحه مثقفو العرب منذ نهاية القرن الثامن عشر، إثر حملة نابوليون الأولى على مصر وما أوقعتهم فيه من حالة ذهول، أدركوا إثرها مدى الجهل والتأخّرالذي كانوا عليه، و مدى خطورة حالة التقوقع التي كانوا يعيشونها، مُتوهمين انّهم "خير أمّة أخرجت للناس".

السؤال هو لماذا تقدّم الغرب وتأخّر العرب؟
ووجدتني ابحث عن أسباب تأخّرنا بعد ان كنّا كمسلمين، وليس كعرب ، قادة البحث العلمي والإبتكار والإختراع والإبداع ، ومترجمي علوم الأولين مع الإضافة  إليها إضافة نوعيّة مُعتبرة ...

فهل أن السبب الأساسي تقديسُنا لموروثنا الحضاري وللنصّ المقدّس والمؤسس لديننا تحديدا؟
أم هو تمسّكنا به (النص) حَرفيّا دون تدبّر مضمونه، ودون ان نعقل ما يهدينا إليه، من خلال قراءته قراءة سهميّة مقاصديّة، ونقد الجزء المتعلق بالمُتغيّرات فيه، نقدا موضوعيّا ومنهجيّا على ضوء الحقائق العلمية الجديدة، لإماطة اللثام عن المسكوت عنه وعلى ما يكتنفه الغموض، و حتى نُدرك ما تخفيه ألفاظه وآياته وسوره من عمق المعاني؟
   
بل لعلّه  تقديسُنا لمُفسّرين احتكروا فهم تراثنا الفكري والروحي، وحنّطوه في بوتقة قراءة وفهم أحاديّين، وركنوا 
كل ما خالف تلك القراءة وذلك الفهم في زاوية التكفير وإهدار الدماء.
وقد يكون عجزُنا عن تقديم رؤية جديدة تُعطي لمفهوم " الإسلام صالح لكل زمان ومكان " بُعده الكوني 
والمتجدد الذي لا تُقيّده اجتهادات الزمان والمكان؟


ستدور مقالتي المقبلة و عددها 4, حول هذه التساؤلات، و ستكون أسبوعية.