samedi 25 février 2012

دعوة الصّادق شورو إلى التقتيل والصّلب والتّقطيع والنّفي - الجزء الثاني


الحادثة الأولى :
دارت فصولها في نهاية خمسينات القرن الماضي، وكنت في يوم من الأيّام، وفي عزّ الظهيرة، ألعب مع أترابي في أحد أزقّة حيّ من أحياء مدينة تونس، وكنّا والحق يقال، نحدث كثيرا من الهرج على عادة الصبية حين يلعبون، ممّا أزعج أحد سكان الزقاق، وكان شيخا وقورا يشرف على إقامة الآذان في جامع الحيّ، ويحظى بقدر كبير من الاحترام والتّبجيل من قبل السكّان، الذين كانوا يلقّبونه ب"سيدي الشّيخ"، فخرج من بيته ثائرا مرغيا مزبدا مزمجرا، ومسك بأحد الصّبية وهوى بقبضته  على عينه اليسرى فأتلفها!!!
لا شكّ أنّ الشيخ قد خلط بين حاجته الأكيدة إلى القيلولة دون إزعاج،  وبين واجب المؤمن  في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وعجز عن التفريق بين الموضوعي والهوائي، فألحق بالصبيّ ضررا غير قابل للإصلاح حيث كان ينوي الإصلاح والتأديب والنّهي عن المنكر.

الحادثة الثانية :
في بداية سبعينات القرن الماضي، كان أحد اللبنانيين يعيش في الأرجنتين وقد هاجر إليها منذ الخمسينات. وصادف أن استقدم أحد الوعاظ  الذين كانت الحكومة اللّبنانيّة حريصة بواسطتهم على التّواصل مع مواطنيها في المهجر وتثقيف أبناء الجيل الثاني من مهاجريها في شؤون دينهم . عاش الواعظ بضعة أيّام في بيت المهاجر ليعلّم ابنته وابنه قواعد الدين الإسلامي، وليقدّم لهما النصح فيما يتعلّق بكيفيّة التمسّك بدينهم في بيئة كلّ شيء فيها يغري بعدم التديّن، وليمدّهما ببعض الحلول لما يطرأ في علاقتهما بأترابهم من إشكالات. إلاّ أنّ الرجل لم ينفكّ طيلة إقامته عن انتقاد هندام البنت، وسلوك الولد، فضلا على أنّ كلّما سألاه عن أمر ما إلاّ وكانت إجابته قاطعة ومؤّكدة على أنّه من قبيل الحرام، إلى أن تعطّل التواصل بينه وبينهما ممّا اضطرّ رب العائلة  إلى التدخّل والإشارة إلى الواعظ بأن يكون على قدر من المرونة، وملفتا انتباهه إلى أنّ ابنيه يعيشان في بيئة غير مسلمة، وأنّهما لا يسمعان الأذان للصلاة خمس مرّات في اليوم كما هو الشّأن في البلدان العربيّة الإسلاميّة، وأنّه يحمد اللّه على أنّهما ما زال متمسّكين بالدين الإسلامي.
 ثمّ لفت نظره إلى إشكاليّة على قدر كبير من الأهميّة تتعلّق بقضيّة الحساب وطرح عليه السّؤال التالي :
 ترى هل أنّ اللّه يحاسب المسلمين الذين يعيشون في البلدان الإسلاميّة بنفس الميزان الذي يزن به أعمال المسلمين الذين يعيشون في غير البلدان الإسلاميّة؟

 وهل يأخذ في الاعتبار ما يعترضهم من مغريات وتحدّيات؟
 وأضاف ما يلي :  أليس من باب العدالة الإلهيّة أن يحظى من يعيش من المسلمين في بيئة غير إسلاميّة بمقدار إضافيّ من التسامح الإلهي؟
لا زلت أعتقد أنّ الرجل كان على قدر كبير من الصواب.

أعود إلى قضيّة المعروف و المنكر، إنّهما صفتان متأصّلتان في الإنسان بصفة مطلقة كما يقول الأستاذ محمد الطالبي. ويضيف إن الإنسان طيب بالفطرة والرسول يقول:" يولد الإنسان على الفطرة"، أي أن الطبيعة الأولى للإنسان هي الطيبة والخير، وهما قيمتان أخلاقيتان ملازمتين للإنسان منذ الولادة، إلا أن تأكيدهما أو التخلي عنهما، جزئيا أو كليا يحسمه المناخ الذي يتربى فيه ذلك الإنسان، والإطار العام الذي يترعرع فيه. فلا أحد يولد محبا للشر، كما أنه لا يولد أحد مجرما بالطبع. وحتى أولئك الذين يرتكبون الحماقات ويقومون برذائل الأعمال ولا يأتون غير المنكرات، فإن في داخلهم مضغة وصوت خفي يؤمنان إيمانا راسخا بأن ما يأتونه لا يمت إلى الخير بصلة.  
تستحضرني عديد القضايا من التاريخ الإسلامي لعل قاسمها المشترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منها :
قضية غيلان الدمشقي والإمام الأوزاعي وسلوك الحجاج بن يوسف الثقفي.

فمن هي هذه الشخصيات وما هو الخيط الرابط بينها؟




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire