dimanche 10 février 2013

اغتيال شكري بلعيد




نزل خبر اغتيال المُحامي والمُناضل شكري بلعيد على تونس صبيحة السادس من شهر فيفري 2013 كالصّاعقة ... أدخل النّاس في حالة ذهول لفترة ليست بالقصيرة، قبل أن تتحرّر الألسُن وتنطلق الأسئلة من أفواه المُتحجّبات وغير المتحجّبات، ومن أفواه الرجال مُلتحين وغير مُلتحين ... تحلّقوا جماعات جماعات في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة يتبادلون ما تسرّب إلى أسماعهم من أخبار ... يُحاولون التأكّد من صحّتها ... كان أكثرُ الأسئلة تداوُلا:
 إلى أين نسير؟
هل هي الحربُ الأهليّة انطلقت ولا مراد لها؟
من يكونُ وراء هذه الجريمة النّكراء ؟ ومن المُستفيد سياسيّا منها؟
غيوم مُتلبّدة غطّت سماء المدينة ... طقس بارد ... وحشة تُخيّمُ على العاصمة لم أفهم سرّها ... لم أكد أسمعُ الخبر الحزين حتّى أدركتُ كُنهها ...
خبر موجع مُؤلم ... لم يُصب عائلة بلعيد ، زوجتُه وبنتيه ووالديه وإخوته وأصدقاءه ورفاق دربه فحسب ، بل أصابني في مقتل، أنا الذي لم يسبق أن قابلتُ الرجل أو تحدثت معه أو حضرتُ إحدى الاجتماعات التي كان يُؤثّثها بحُضوره الوضّاء ويملؤها بصوته الجهوريّ الذي اعتاد التونسيون سماعه عبر شاشات التلفزيون التي كانت تتسابق لاستضافته، يُدافع بحضوره في بلاتوهاتها  عن آرائه ومبادئه التي لم تكن سوى صدى لصوت" الزوّالي" ... خبر أصاب كلّ العائلة السياسيّة في البلاد... كلّ المُناضلين وكلّ المُلتزمين بالدفاع عن قضايا الحق والعدالة والمُساواة، والتصدّي للعُنف وللفساد  أيّا كان مأتاهُ وبكلّ أشكاله الماديّة واللاّماديّة ... خبر امتد إلى كافة فئات الشعب... إلى كلّ ألوان الطيف السياسي...

    إلا أنّ حُزني اقترن بالخوف من رد الفعل لأنّ القاعدة المنطقيّة تُقر بأنّ لكلّ فعل ردّة فعل ...
من يُقنعُني أنّ هذا الفعل على ما هُو عليه من قذارة لن يكون له ردّة فعل من نفس الجنس؟
عمليّة الاغتيال البشعة هذه قد فتحت في رأيي باب جهنّم على تونس، باب لن يُغلق إلاّ بعد أن تسيل أنهار من الدماء، وتُصفّى شخصيّات سياسيّة عديدة وتُسقط ضحايا قد لا يكون للكثير منها ناقة ولا جمل في باب السياسة والسياسيين ...
خوفي على بلدي،  بلد الاعتدال والتسامُح والتحاب أن يتحوّل إلى بُؤرة من بُؤر العُنف في العالم، وإلى منطقة جذب لتطاحُن قوى لا قُدرة لنا على التحكّم فيها، وقد لا يكون مثال الصومال والجزائر ومالي غريبا عنّا ...
خوفي على ثورة الياسمين أن تتحوّل إلى ثورة شوك مُؤلم ومسمُوم...
عندما يعجز المرء عن ردع طفل صغير ضال وينقصه الوعي بعواقب الأمور، فيقومُ بإشعال عود كبريت بغير سبب وجيه، فإنّه يُواصلُ صنيعُه اللاّمسؤول ليُشعل عُلبة الكبريت ... وعندما يتمادى ذات المرء في لا مُبالاته فإنّ ذلك الصغير يُشعلُ البيت كلّه ويُحوّلُه إلى رماد...
هذا ما أخشى أن تُصبح عليه تونس في قادم الأيّام والسّنين...
لقد بدأت السلسلة بالاعتداءات اللفظية وبالعُنف الخفيف ضد المُفكرين والمسرحيين والمُبدعين  والصحافيين وأصحاب الرأي الحر من الذين لا يُغرّدون مع سرب من يعتقد أنّه وصيّ على هذا الشعب في مُعتقداته و في نوعيّة لباسه وفي  نمط عيشه،  لتتواصل بقتل المرحوم لُطفي نقض وسحله بمدينة تطاوين، ثم باغتيال شهيد الكلمة الحُرة شُكري بلعيد ... إنّ الحرب الأهليّة قد بدأت... والكلّ يعرف من فتح لها الأبواب ...التاريخ لن يرحم من تسبّب فيها طال الزمان أو قصر... إنّ غدا لناظره قريبُ...


1 commentaire:

  1. A vouloir étouffer les révolutions pacifiques, on rend inévitables les révolutions violentes.

    RépondreSupprimer