jeudi 4 août 2011

حزب النهضة "يسرق" الثورة من شبابها

لا أحد اليوم بإمكانه أن ينسب لنفسه دور البطولة الثوريّة في تونس، باستثناء الشعب وفي مقدمته فئة الشباب.

 

إنّ أخطر ما يهدد ثورة 14 جانفي 2011، سرقتها والالتفاف عليها من قبل أطراف سياسيّة لم تكن لها مشاركة تذكر، بشكل مباشر أو غير مباشر فيها، بل منها ما كان يتقرّب للسلطة الحاكمة ويطلب ودّها، ويعتبر أن ابن علي حاميه في الأرض واللّه حاميه في السماء!
إنّ الشعارات التي رفعها الشباب المنادي بحتميّة التخلّص من ابن علي وزبانيته لم يكن لها مدلول دينيّ ولو كان إيحاء حتّى. بل كانت شعارات تطالب بكرامة شعب، أمعن في الدوس عليها رأس نظام فاسد، فاقد لأدنى بذرة وطنيّة، ولم يسكنه يوما شعور بالواجب الذي تمليه عليه وظيفة قيادة البلاد، بل لم يكن يجول في خاطره غير استنباط أخبث الحيل للاستيلاء على أملاك الدولة، وتحويلها إلى ممتلكات خاصّة توزّع لاحقا بأبخس الأثمان على الأقارب والأصهار(وما أكثرهم)، وعلى كلّ من ارتبط بالعائلة الحاكمة، وكلّ من ترجى من تقرّبه مصلحة ما، إلى حد أصبحنا معه نتساءل كيف أمكن لعائلة المخلوع وأفراد بطانته، الاستيلاء على هذا الكم الهائل من الممتلكات العقاريّة والشركات والمؤسّسات الماليّة والخدميّة بمختلف أشكالها، وكم بذل المستشارون من الجهد واستنبطوا من الحيل لتسهيل عمليّات الاستيلاء تلك، حسب القانون الذي أعدّ سلفا لإضفاء الشرعيّة على تلك العمليّات. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أصبحنا نحمد اللّه صباحا مساء على أنّ الحكم النوفمبري لم يدم أكثر ممّا دام، وإلاّ لكان استنفذ كل ما في البلاد، ولم يعد لأيّ من العشر ملايين تونسي ونيّف من يملك " نصبة دخان " حتّى، ولألتفت بعدها إلى البلدين اللّيبي والجزائري المجاورين، يبحث فيهما عمّا يبيع أو يرتهن !
من أجل كلّ هذا قرّر التونسيّون الوقوف في وجه الطغيان، والثورة ضدّ الظلم والقهر واستباحة ممتلكاتهم من قبل طغمة لا أخلاق لها، وتروى عن أفعالها الدنيئة القصص المتنوعة يوميّا، إلى حد أن الواحد منّا لم يعد قادرا على استيعاب ما يروى له من حكايات تجاوزت أحيانا حدود الخيال.
ومن أجل كلّ هذا لم يكن للشعارات ذات المدلول الديني أيّ مكان في تحرّكات الجماهير الشعبيّة، منذ قيام سكّان الرديّف سنة 2008 إلى غاية هروب الرئيس الجبان، الفار مما كان ينتظره من محاكمات شعبيّة وما يمكن أن يصدر من أحكام، لا أظنّها تختلف كثيرا عن تلك التي صدرت في حقّ ملك فرنسا لويس السادس عشر وزوجته النمساويّة الأصل ماري أنطوانات.
فكيف نجد اليوم بعد مرور نصف سنة على ثورة الأحرار، من ينسب لنفسه القيام بدور البطولة في إنجازها، ويعتبر أنصاره من حماتها، بل يرى نفسه كطرف ديني - سياسي الضامن الوحيد لحمايتها، كما صرح بذلك عبد الكريم الهاروني، عضو المكتب التنفيذي لحركة النّهضة المكلّف بالشباب، والذي أثنى يوم السبت 23 جويلية 2011 في اجتماع بأنصار حركته في فضاء القبّة بالمنزه، أثنى على الدور الذي قام به شباب النهضة من أجل تحقيق مكسب الإطاحة بالنظام السياسي السابق، وبفتح الطريق أمام بناء الدولة الديمقراطيّة (!)، موجّها رسالة إلى الحكومة مفادهـــــا أنّ
 " للثورة شباب يحميها، ولها نهضة تحميها " ؟ 
أليس هذا ركوب على الثورة واستغلال لها ؟
ألا يعتبر هكذا موقف، عمليّة سطو موصوفة على ثورة شعب كامل لم ترفع فيها شعارات دينيّة البتّة ؟
وهل ثمّة فرق بين من سرق شعبا ومن سرق ثورة ؟
إن لم يكن ما صرّح به الهاروني سرقة للثورة فماذا نسمّيه إذا ؟
هذا واحد من التحدّيات التي تهدد ثورة 14 جانفي. إنّ كلّ الأطراف السياسيّة تتربّص بها وتمنّي النفس بالتحدّث باسمها، كما يتحدّث اليوم كلّ من هبّ ودبّ باسم الشعب.
إنّ أخشى ما أخشاه أن أسمع في قادم السنين من يتبجّح بكونه المفجّر الحقيقي لثورة الأحرار، وأنّ فضل قيامها يعود له وحده دون سواه.
ألم يملأ النظام الأسبق آذاننا طويلا بأهزوجة المجاهد الأكبر، والرئيس الأوحد، وسيّد الأسياد، والصحافي الأوّل، والرياضي الأوّل، والقائد الذي لم يجد الزمان بمثله لا قديما ولا فيما هو آت من قادم الأيّام؟
حذار يا شعب من هذه الألاعيب السياسويّة.
لا أحد اليوم بإمكانه أن ينسب لنفسه دور البطولة الثوريّة في تونس، باستثناء الشعب وفي مقدمته فئة الشباب .
ولا أحد بإمكانه أن ينصّب نفسه متحدّثا باسم الدين. إنّ للدين ربّ يحميه، لا حاجة له بوسطاء يوكل لهم مهمّة حماية دينه. إنّه هو الذي أنزل الذكر، وهو حافظه الأوحد.
إنّ كلّ من يدّعي التكلّم باسم الدين ويوهم نفسه بأنّه حاميه، إنّما هو في تصوّري آثم و مشرك، لأنّه نصّب نفسه شريكا للّه في تعهّد الدين، واعتبره (أرجو أن يكون عن غير قصد) عاجزا عن حماية ما أنزل. و إذا لم يكن يقصد ذلـــــك
( وأخاله لا يقصده)، فلا شكّ أنّه حينئذ ليس سوى أحد المنخرطين في سنفونيّة المتكالبين على السّلطة من السياسيين، الذين تبقى المحافظة على أخلاق المسلم الحق والتمسّك بها آخر ما في قرارة أنفسهم.
وماذا ننتظر إذا من فاقد للأخلاق ؟
لقد أفادني علم التاريخ إفادات لا تحصى ولا تعدّ، لعلّ أهمّها ما أصبح يقوم عندي مقام اليقين، أنّ كل الحركات الدينيّة في التاريخ الإسلامي إتخذت غطاء سياسيّا لتخفي أهدافها الحقيقيّة.
 لذا لا يغرنّك ما تدّعيه بعض الحركات الدينيّة التي أعلنت تحوّلها الرّسمي إلى أحزاب وانخرطت في اللعبة السياسيّة واعتمدت الديمقراطيّة منهجا! كلّ ذلك ليس سوى ذرّ الرماد في العيون.
وإنّي أشاطر أستاذ الأجيال والباحث محمد الطالبي، الذي يعتبر أنّ كلّ ناعق باسم الدين، وكلّ منصّب نفسه حاميا للمقدّسات، ومجنّدا أبواق الكهنوت وممتطيا إرهاب الشريعة لبسط سلطانه على العقول، واضعا حدودا لتقييد الفكر الحرّ، ومحنّطا العقل ومغتالا الفنّ والإبداع، ومواريا نصف المجتمع وراء عباءات داكنة ما أنزل اللّه بها من سلطان، وساجنا إيّاه وراء أسوار تخفيه عن الأعين، وتحرمه من حقوقه المدنيّة، أي من حقوقه في العيش حياة كريمة بكل حريّة، لمقيم الدليل القاطع على أن لا حريّة معه، ولا ديمقراطيّة مع منهجه الرجعيّ البائد، الذي ارتآه نمط عيش على هامش التاريخ، متغافلا عمّا يحدث حوله وخارج " دار الإسلام " من ابتكارات واختراعات وتفتّق لعقل كسّر الأغلال التي شلّته عن التفكير قرونا عديدة، وحوّل الكرة الأرضيّة إلى فضاء مدنيّ موحد، باستطاعتك أن تعرف كلّ ما يجري فيه حينيّا، وجعل الحجم المهول للمعرفة الإنسانيّة رهن ضغط بسيط على زرّ في لوحة مفاتيح أصغر الحواسيب، يطلعك على جزئيّات صناعة القنبلة النوويّة كما يطلعك على طريقة طبخ قطعة يبتزا أو "المطبّقة " لتلبية رغبات أبنائك خلال العطلة الصيفيّة، مثبتا بذلك أنّ الحقّ كان مصيبا عندما حمّل الإنسان خلافته في الأرض، وهي مهمّة رفضتها الجبال الرواسي، وأثارت تساؤل الملائكة حول أحقيّة الإنسان بتلك المهمّة. لكن اللّه يعلم ما لا تعلمه مخلوقاته، فسبحان الخلاّق العليم.

1 commentaire:

  1. j'éspère qu'un jour, on arrête de diviser religieusement les tunisiens, chacun a ses convictions et si on veut pratiquer la démocratie, il serait mieux arrêter de donner des jugements qui vont jusqu'à (etakfir) laisser la mojorité décider! c'est ça la vraie démocratie... personne n'a le droit de dire qu'une personne est "mochrek" et rien ne prouve qu'un parti que se soit nahdha ou autre a volé la révolution des jeunes qui ne sont pour moi je dit bien (pour moi) pas des acteurs principaux acteurs dans cette révolution. mais je dit bien que le sort futur du pays dépendra d'eux.

    RépondreSupprimer