الزناء والشذوذ في التاريخ العربي للخطيب العدناني أحد المراجع التي اعتمدت عليها |
3
) المثليّة الجنسيّة في المُجتمعات العربيّة
عرف المُجتمع العربي المثليّة الجنسيّة ،
أنثويّة كانت أو ذُكوريّة ، بقدر ما عرفتها المُجتمعات الأخرى..
ويُرجعُ كثير من الدارسين ظُهُور المثليّة
الأنثويّة، السحاق، إلى هند بنت عامر زوجة النعمان بن المُنذر بن امرىء القيس
والتي تُعتبرُ " رائدة السّحاق العربي" عند البعض منهم. وكان المُنذر
زوجها من أشهر مُلوك المناذرة في مدينة الحيرة وذلك بعد أن أهلك الله قوم لوط.
يقول الأصبهاني :"إنّ أوّل من سنّت
السحاق عند العرب نساء قوم لوط لمّا شاع بين رجالهنّ إتيانُ الذكور وهجرهم
النّساء، فلمّا اشتدت شهوتُهنّ أخذن يتضاربن بالأرداف فوجدن لذّة في ذلك، ثم ألصقن
الردف بالشراح فكانت أكثر لذّة. ثم دلكن الشراح بالآخر، فتصدم النواة بالنواة
والهنّات بالهنّات فتنزلان الماء، ولمّا أهلك الله قوم لوط انقطع اللواطُ والسحق.
ويُقدّمُ لنا الأصبهاني رقاش بنت الحسن
اليمانيّة على أنّها الطرف الذي مارست معه هند السحاق فيقول:" جاءت رقاش هندا
بنت عامر بن صعصعة زوجة النعمان بن المُنذر وافدة عليها فأنزلتها عندها، وكانت ذات
حُسن ونضارة فشغفت بها، وكان النعمان يغزو فيغيبُ عن امرأته، فتكون هي ورقاش على
فراشه، فربما التصق جسداهما، فوجدتا لذّة لطول العزوبة حتّى استدلّتا على طريق
المساحقة وأصبحتا كزوج وزوجة، وبلغ من الشغف لكل واحدة بالأخرى انّه لمّا ماتت
ابنت الحسن اعتكفت امرأة النعمان على قبرها واتخذت الدير المعروف بدير هند في طريق
الكوفة."
أما اللواط فقد أجمع المُهتمّون بالدراسات
التاريخيّة على أنّه عُرف في العهد الأموي والعبّاسي والمملوكي...
ولئن ذكرت لنا المصادر بعض الأمثلة من
المثليّين الجنسيّين من الذكور في آخر العصر الجاهلي وفي صدر العهد الإسلامي فإنّ عدد المثليّين أصبح مُلفتا في
العصر الأموي وخاصّة في العصر العبّاسي الذي أعتُبر بدون مُنازع " عصر
الجواري والغلمان". وكذلك الشأن بالنسبة للعصر المملوكي في مصر والعصر
الحُسيني في تونس على سبيل المثال.
لقد كان لمُلوك العرب وأمرائهم عشرات ومئات،
بل قل آلاف الغلمان يتّخذونهم خدما وندامى، يلعبون معهم الشطرنج ويختلون بهم،
واشتدّ ببعضهم " عشق" الغلمان إلى حد التنافُس في اقتنائهم وحتّى "
صيدهم " واختطافهم في بلاد الترك أو الرّوم، وكانت تُدفعُ الأموال الطائلة
لإقتناء الغلمان" وكلّما كان الغُلام أجمل كان سعرُه أغلى وأعلى ".
لقد ضُبطت مقاييس ومُواصفات دقيقة، تتمّ
حسبها عمليّة اقتناء الغلمان ووضعت قائمة المُواصفات التي على أساسها يُقتنى هذا
الغُلامُ، وكان الإقبالُ أكثر على:" الغُلام الأهيف القوام، الرّخيم الكلام،
المراهق الفائق في الجمال، الرّائق السُّمرة، البديعُ الحُمرة، أدعجُ العينين،
مُورّدُ الوجنتين، مُختطفُ الخصر، نقيّ الثغر، الذي تجاذبه الأردافُ وتهزّهُ
الأعطاف."
وتُشير بعض الدراسات إلى أهميّة دور اللفُرس
في دفع الإقبال على اللّواط في العصر العبّاسي، لكن يبقى الموضوع محلّ بحث مُعمّق
و موضوعي، خال من التحامل الطائفي أو العرقي.
وفيما يخصّ العصر العبّاسي فان الدكتور صلاح
الدين المنجد يُؤكّد ظاهرة المثليّة الجنسيّة الذكريّة فيقول:" وازدهرت مهنة البغاء واللّواط
في بغداد ازدهارا واسعا حتى جعلوا لكل منهما آدابا يسيرون عليها ويجبُ تعليمُها
واتباعُها، وألّفت فيها كُتُب كثيرة كلّها سخف ومُجون... وصار كل فريق يدعو إلى
مذهبه فقامت المُظاهرات بين الغلمان والجواري، فقد ألّف الجاحظ مُفاخرة نظريّة بين
صاحب الجواري وصاحب الغلمان، كما تقُومُ مُفاخرات فعليّة في مجالس اللّهو والخلاعة
بين غُلام فيحتجّ كلّ منهما على الآخر بما عندهُ من مُواصفات جنسشيّة يكشفُها
للحاضرين ليُثير غرائزهم وينشُر الدعارة فيهم."
ومن أشهر المثليّين في العصر الأموي:
*
الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك والذي قال فيه السيوطي:"ولمّا قُتل
وقُطع رأسُه ... نظر إليه أخوه سليمان بن يزيد فقال: بُعدا لهُ، أشهدُ انّه كان
شروبا للخمر، ماجنا فاسقا ولقد راودني عن نفسي."
امّا الذهبي فقد قال فيه:" لم يصحّ عن
الوليد كُفر و لا زندقة، بل اشتهر بالخمر والتلوّط."
وفي العصر العباسي أصبحت ظاهرة التلوط القاسم
المُشترك اعديد الخُلفاء.
يذكُر الطبري أن الخليفة الأمين:" طلب
الخصيان وابتاعهم وغالى بهم وصيّرهم لخُلوته في ليله ونهاره... ورفض النساء
الحرائر والإماء."
ويذكر السيوطي على لسان ابن جرير وغيره ما
يلي:" لمّا ملك( الأمين) وجّه إلى البُلدان في طلب الملهين، وأجرى لهم الأرزاق
... واحتجب عن أهل بيته وعن امرأته..."
وتُجمع المصادر على شدّة تعلّق الأمين بغلام
له اسمُه كوثر، أصيب مرّة في معركة برجمة في وجهه فجعل الأمينُ يمسحُ الدم عن وجهه
ويُنشد:
ضربُوا قُرّة
عيني ومن أجلي ضربُوه
أخذ الله
لقلبــــــــــي من ناس أحرقُـــــوه
وفي مُناسبة أخرى قال فيه:
ما يُريد النّاسُ من
ض ب بمن يهوى كئيب
كوثر ديني
ودُنيــــــــــا ي وسُقمي وطبيبـي
أعجز النّاس الذي يلــح ى مُحبّا في حبيــب
ويُروى أن أم الأمين قد حاولت ثنيهُ عن تثبته
بالغلمان فأحضرت له فتيات يتشبّهن بالغلمان
فأعرض عنهُنّ.
أخوه المأمون رغم ما يُذكر عنه من حبّه
للنساء إلا انّه تعلّق بالغلمان. ويّذكر انه نظر مرّة إلى احد الغلمان فسأله: ما
اسمُك؟ فأجابهُ: لا أدري، فقال: لم أر مثل هذا وانشد:
تسمّيت لا أدري لأنّك لا
تدري بما فعل الحُبّ المُبرح في
صدري.
وفي ولايته اشتهر قاضي القُضاة يحي بن أكثم
بتعلّقه بشابين حتى أن أبا نُواس نظم فيه أبياتا كانت سببا في عزله منها:
أنا الماجنُ اللّوطي ديني
واحد وإني في كسب المعاصي لراغب
أدينُ بدين الشيخ يحي بن
أكثم وإني لمن يهوى الزنا
لمُجانـــــبُ
وللإشارة فان النواسي قد امتدح المثليّة
الجنسيّة في مقاطع عديدة من قصائده ومنها ما يقول في أبي عُبيدة النّحويّ المُحبّ
للغلمان:
صلّى الله على لوط
وشيعته أبا عُبيدة قُــل بالله :
آميــــــنـــــا
لأنّك عندي بلا شكّ
زعيمهم منذ احتلمت ومنذ جاوزت الستين
وجاء في مُروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي
أن الخليفة المُتوكّل جمع أربعة آلاف من الأتراك اشتراهم من مواليهم وأغدق عليهم
أفخر الألبسة وأثمن أنواع الديباج والحُليّ.
الخليفة المُعتصم بالله الذي اشتهر بضربه
الإمام أحمد بن حنبل سنة 220 هجريّا ، عُرف بدوره بتعلّقه بالغلمان وبالتصاقه بغُلام
اسمُه عجيب، قال فيه أشعارا كثيرة.
أما الخليفة الواثقُ فقد كان له غُلام أهدي
له من مصر كما كان يهوى خادمين يقُوم كل واحد منهما على خدمته يوما وقال فيهما:
قلبــــي قسيم بين نفسيــــــن فمن رأى روحا بجسميــن؟
يغضب ذا إذا جاد ذا بالرضى فالقلب مشغول بشجويـــن
وفي سياق حديثه عن الخليفة المُقتدر بالله
يقول السيوطي:" وكان في داره أحد عشر ألف غُلام خصيان غير الصقالبة والرّوم
والسّود."
لقد امتدت ظاهرة المثليّة الجنسيّة إلى العصر
المملوكي في مصر باعتراف الشّاعر الوردي الذي كتب:
من فال بالمرد فاحذر أن تُصاحبه فإن فعلت فثق بالنّار والعـــــــار
بضاعة ما اشتراها غير
بائعهـــــا بئس البضاعة والمُبتاع
والشّاري
يا قومُ صار اللّواطُ اليوم
مُشتهرا وشائعا وذائعا مـــن غيـــر
إنكــار
وأمام هذا التمدد والإنتشار علينا أن نتساءل
عن موقف الأديان عُمُوما والدين الإسلامي تحديدا منها.
4
) الأديان السماويّة والمثليّة الجنسيّة
كلّ الأديان السماويّة تقريبا تُدين الظاهرة
المثليّة وتعتبرها مُنافية للفطرة البشريّة.
لقد جاء في اليهوديّة آراءئ مُختلفة غير أن
الأغلبيّة الأغلبية اليهودية من الأرتدوكسيّين يُنادون بمنع " الأفعال
الجنسيّة بين أفراد من نفس الجنس"، بينما يترُك الإتحاد من أجل إصلاح
اليهوديّة الخيار للحاخامات .
أما المسيحيّة فان أغلبيّة كنائسها تُعارضُ
العلاقات الجنسيّة بين المثليّين باعتبارها مُنافية للخُطّة الإلاهيّة في الزواج
والخلقة ومُخالفة للفطرة، مُعتمدة في ذلك على قول يسوع :" من بدء الخليقة
ذكرا وأنثى خلقهما الله ، من أجل هذا يترُك الرجُلُ أباهُ وأمّهُ ويلتصقُ
بامرأته."
وقال البابا بنديكت السادس عشر:" زواجُ
المثليّين خطر على مُستقبل البشريّة"
موقفُ الدين الإسلامي من المثليّة، الذكورية
تحديدا أكثر وُضوحا، بينما نُلاحظ باستغراب غياب نصّ صريح يُحرّمُ المثليّة
الأنثويّة، مما يفتح باب التأويلات والإجتهادات على مصراعيه أمام المُجتهدين رغم
تمسّك البعض منهم بتحريمها إعتمادا على سورة المُؤمنون، الآيات5-7 إذ يقولُ
تعالى:
في باب الأحاديث النبويّة فان كُتُب الحديث
تُقدّم لإبن عبّاس حديثا ضعيفا عن النبى صلى الله عليه وسلم مضمونه:" من
وجدتموه يعملُ عمل لُوط فاقتُلوا الفاعل والمفعول به."
وروى أبو هريرة عن الرسول فقال:" نهى
رسولُ الله أن يحد الرجُلُ النظر إلى الغُلام الأمرد".
يتّضحُ إذا أن الله قد قدّم لنا في كتابه
موقف الرّفض بكل وُضوح لمن " يفعل الخبائث"، وتوعّدهم بالعقاب.
غير أن مسألة العقوبة المُترتّبة عن فعل
اللّواط والسحاق يعتريها الكثير من
الضبابيّة ممّا يفتح أبواب إجتهاد العلماء حولها، اجتهادا يكتسي العديد من
التناقُضات ويتراوحُ بين القتل كما ورد في حديث ابن عبّاس و"خسف الأرض"
كما ورد في النص القرآني.
التذبذُب ذاته نجدهُ بين المذاهب الدينيّة.
فُقهاء المذهب الشيعي يتمسّكُون بحُكم القتل لمُمارسي المثليّة
الجنسيّة، ذُكوري’ كانت أو أنثوية، سندُهم
في ذلك بعض النصوص القرآنية منها تلك التي تذكُر " أصحاب الرس " والتي اعتمدها الإمام جعفر الصادق أحدُ أئمة الشيعة الإثناعشريّة عند مُجادلة إحدى
النساء لهُ جاءت تسألُه عن حد السحاق نأجابها بقوله:"حدهُ حدّ الزنا"،
فلم تقتنع وردّت عليه بقولها:" ما ذكر الله عزّ وجلّ ذلك في القرآن"فقال
لها :"بلى" فقالت:"وأين هو؟"فأجاب:"هنّ أصحابُ
الرس"
أهل السنّة والجماعة أجمعوا على تحريم السحاق
تحريما لا يخلو من مرونة.
الحنفيّة كانوا مُتشددين إذ اعتبرةا ان مُجرد
تماس الفرجين من جهة القبل أو الدبُر يُنقض الوضوء ولو كان بلا بلل. ويُوافقهم
المالكيّة في ذلك ويُضيفون أن مُجرد مس
امرأة الأخرى بشهوة كاف لنقض الوضوء،
ويُشاطرهم الحنابلة والشافعيّة ذات الرّأي..
أوبخصُوص اللّواط فان المُفسّرين يعتمدون على
النصّ القرآني وعلى الأحاديث النبويّة منها الحديثُ الذي رواهُ أبو بكر الحضري عن
ابن عبد الله عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:" من جامع غُلاما وأوقبهُ
جاء يوم القيامة جُنُبا لا يُنقّيه ماءُ الدنيا، وغضب الله عليه ولعنهُ وأعدّ لهُ
جهنّم وساءت مصيرا."
ويعتمدون كذلك على مواقف الخُلفاء الراشدين
إزاء قضايا المثليّة الجنسيّة، فهذا أبو بكر الصديق يحرقُ لوطي وكذلك فعل الخليفة
الأموي هشام بن الوليد وخالد القسري بالعراق.
وفي باب الإجتهاد فقد اقترح القرطُبي إنزال
العُقوبات الصّارمة على المثليّين فاعلين أو مفعولا بهم كما حدث لأهل سدوم والقرى
التي حولها حين انتشر فيهم فعل الفاحشة، فأٍرسل الله لهم نبيّهُ لوط وحين لم
يسمعوا لوعضه ونُصحه خسف بهم مدائنهم.
امّا الذهبي فيروي عن ابن ماجة وعن
الترمذي والحاكم أ، النبيء صلى الله عليه وسلم قال:" أربعة يُصبحُون في غضب
الله ويُمسُون في سُخطه" قيل من هم يا رسول الله؟ قال:" المُتشبّهون
بالرجل من النساء والمُتشبهات بالرجال من النساء والذي يأتي البهيمة والذي يأتي الذكر."
وروي الترمذي وابن ماجة عن جابر بن عبد الله
أن الرسول قال:" إن أخوف ما أخافُ على أمّتي عملُ قوم لوط".
هذه الأحاديث وكذلك حكم القرآن فيما يتعلّق
باللواط تنفي نفيا قطعيّا ما تذهب اليه بعض المواقع الإلكترونية التي تسعى جاهدة
إلى تظليل ناشئة تفتقر إلى خلفيّة ثقافية متينة، وغسل أدمغتها بأحاديث ضعيفة
وموضوعة عن الرسول والصحابة والخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، استنادا إلى
بعض كتب من الثراث الإسلامي شيعية الهوى و
إلى بعض كتب السير والسّنن والطبعة الهندية القديمة لكتاب صحيح البُخاري وبعض كتب
التفسير.ولقد جاء على سبيل الذكر في كتاب
المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، الجزء 3 صفحة 160، لإبن قدامة
المقدسي، نشر دار الفكر، بيروت1405 هجريا، ان" اللواط والوطء في الدبر لا
يُفسدُ الحجّ"، وهذه فتوى لا تستوجب أي تعليق بعد ان بيّن الله في كتابه
موقفهُ من أعمال قوم لوط.
ولئن قدمتُ بعض الأمثلة لمثليّة بعض الخلفاء
الأمويين فذلك لا يعني ضرورة أن الفاحشة كانت مُتفشّية في كامل المجتمع العربي الإسلامي من قمّته إلى قاعدته ،
انما غاية ما في الأمر اني سلّطت بعض الأضواء على تاريخ ظاهرة كثر الحديث عنها في
الأسابيع الأخيرة في البلاد، لا أهدف من ورائها إلى غير المعرفة العلميّة الجادة
والموضوعية.
لذا فاني حريص على لفت أنظار ناشئتنا إلى
خُطورة بعض المواقع الإلكترونيّة التي تزرعُ الفتنة وتتبُثّ الشكّ في سيرة رجال
قدّموا للحضارة العربيّة الإسلاميّة ، وللحضارة الإنسانيّة الكثير.
ومهما يكُن فإنّ الرأيُ عندي إخراجُ مسألة
المثليّة الجنسيّة من خانة " المُقدّس" أو التابوهات وتناولها بالدراسات
العلميّة عوضا عن تجاهُلها وإلقائها في سلّة اللاوعي الجمعي والإقتصار على التلميح
لها بين الحين والآخر في بعض الأعمال الفنيّة "الجريئة" نسبيّا.
إن الموضوع لجدير بأن يحظى باهتمام علوم عدة
كعلم النفس وعلم الاجتماع والبيولوجيا والحضارة وعُلوم التربية... لنتمكّن من تشخيص
معالمه و تحديد أبعاده وفهمه فهما علميّا صحيحا وإدراك الميكانيزمات التي تقف وراء
الظاهرة أنثوية كانت او ذكورية، بعيدا عن الأحكام المسبقة عن الإضطهاد والتصفيات الجسديّة كما هو الشأن
في أوغندا ، و رفض مواقف الحقد والكراهيّة والمُعاداة الإجتماعيّة والإقصاء لمن
يختلفُ سلوكُه عن سلُوك الأغلبيّة بسبب جهل دوافع ذلك السلوك إن كانت مُكتسبة أم
بدافع من عوامل جينيّة.
5)
أشهر المثليين في تاريخ العرب
من أشهر المثليّين الجنسيّين من العرب،
فاعلين كانوا أو مفعولا بهم، منذ منطلق الدعوة الإسلاميّة إلى العصُور اللاّحقة،
نذكُرُ بعض الأمثل:
-
أبو الحكم بن هشام المخزومي، وكان من المُشركين المُناوئين لرسول الله (صلعم)
-
عُقبة بن أبي مُعيط، ذاك الذي بصق في وجه محمد (صلعم)
-
الحكم بن أبي العاص الذي كان يتجسّسُ أخبار الرّسول في خلواته مع نسائه ويُحاكي
مشيته وحركاته أمام المُشركين ليضحكوا عليه فما كان من الرسول إلا أن أطردهُ مع
أسرته من المدينة.
-
صابر بن الأسود الذي هاجم ابنة الرسول زينب وهي على الجمل وهزّ الرّمح في وجهها
ممّا أفزعها وتسبّب في إجهاضها.
-
هشام بن الوليد بن المُغيرة والنضر بن الحارث، وكانا ضمن زُمرة من تآمروا على
الرسول في بيت الندوة وخطّطوا لقتله.
-
علي بن الجهم وكان بدوره مُناوئا لرسول الله.
نلاحظ أن كل هؤلاء كان من أعداء الإسلام ومن
المُعارضين لرسول الله(صلعم)، وهذا ما يُثير احترازنا.
وإلى جانب أولئك الذين عُرفو كمثليين من
الحكّام اشتهر عديد الشعراء والأدباء بسُلوكهم المثليّ من بينهم أبي العلاء
المعرّي وأبي العتاهية وأبي نواس وابن الرّومي وغيرهم كثر.
6) الوقاية والعلاج
حديث كثير يقال حول انتشار المثليّة الجنسيّة
في عديد الأقطار العربيّة في العصر الحديث كاليمن والأردن و‘ُمان وغيرها من
الأقطار، تدل على ذلك عديد القضايا المنشورة في المحاكم. وللإشارة فإن أكثر
الأوساط التي تكثُر فيها الظاهرة إيّاها هي المبيتات المدرسيّة والسّجون والثطنات
العسكريّة.
ولئن اختلفت العقوبات من بلد إلى آخر،
بين السجن والتصفية الجسديّة والإقصاء من المُجتمع باعتبار المثلية انحراف عن
القاعدة، فانّ بلدانا أخرى سعت إلى دراسة الظاهرة دراسة علميّة واجتهدت في البحث
عن أسبابها وعن دوافعها البيولوجيّة والنفسيّة والمُجتمعيّة لفهمها وتصنيفها إمّا
ضمن السلوكات المُكتسبة التي تُعتبر نتيجة لدور العوامل البيئيّة التي تُحدد مُيول
الشّخص أو اعتبارها ظاهرة وراثيّة تُحددها الجينات المُكوّنة لشخصيّة الإنسان
والتي لا قُدرة لهُ على تغييرها كعجزه عن تغيير لون عينيه أو لون بشرته أو شكل
أنفه...
ولقد ظهرت في المُجتمعات الغربيّة عديد
المُنظّمات التي تدافع عن حقوق الأقليّات الجنسيّة على غرار جمعيّة شمس التي ظهرت
في تونس في الأسابيع الأخيرة والتي أثار ظُهورُها نقاشا متشعّبا وطويلا في مُختلف
مُكوّنات المُجتمع المدني والجمعيّات الدينيّة.
وتبقى الأوليّة في رأيي لمُعالجة هذه الظاهرة
وضع برامج تربويّة ونفسيّة تهدف إلى فهمها لا إلى الحُكم لها أو عليها، وتناوُلها
من زاوية التسامُح والإيمان بحقوق الإنسان التي هي كلّ لا يتجزّأ حتى يتمّ حصرُها
في حُدودها الدنيا دون إثارة أو تحامُل أو إقصاء